يكتب سيد ماركوس تينوريو عن لحظةٍ فارقة يضع فيها سلوك حكومة بنيامين نتنياهو إسرائيل والمشروع الصهيوني أمام هاوية أخلاقية وسياسية وقانونية، مع تصاعد مستوى العنف إلى حدٍّ يصفه الكاتب بالبُنيوي والمدمِّر.

 

ينشر ميدل إيست مونيتور قراءة نقدية حادّة لتداعيات الحرب على غزة وصورة إسرائيل عالميًا.

 

يرى الكاتب أن المشروع الصهيوني واجه منذ عقود اتهامات بالطابع الاستعماري والعنصري والعنيف، غير أن المرحلة الراهنة، في ظل حكومة يمينية متطرفة، دفعت هذا العنف إلى مستوى لا يمكن تبريره أو تغليفه بخطاب أمني. يعتقد النظام الحاكم أن تدمير البنية التحتية المدنية وقتل العائلات وتهجير السكان الأصليين يشكّل “نصرًا عسكريًا”، بينما لا يرى الكاتب في ذلك سوى تكريسٍ للإبادة بوصفها سياسة دولة تُمارَس على مرأى العالم.

 

عنف بلا أفق ونصرٌ مُوهوم

 

يؤكد المقال أن إسرائيل لم تنتصر في غزة، ولن تنتصر، لأن المقاومة الفلسطينية – وفق طرحه – تستند إلى شرعية أخلاقية وتاريخية وسياسية، في حين يعتمد المشروع الصهيوني على محو فلسطين ماديًا ورمزيًا. ويذهب الكاتب إلى أن دولةً تعلن النصر عبر قتل الأطفال تُعلن هزيمتها الأخلاقية قبل أي شيء آخر، وتكشف قوتها العسكرية عن هشاشة تاريخية وعجزٍ عن تقديم أفق غير العنف الدائم.

 

يتساءل المقال عمّا يسمح باستمرار هذا “النظام الإرهابي” رغم الصور الموثّقة، ويجيب بأن ميزان القوة، لا ميزان العدالة، يحكم النظام الدولي. فالبنية القانونية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية – من معاهدات ومحاكم وقرارات – تبدو، في رأيه، عاجزة عندما يكون المنتهِك حليفًا استراتيجيًا للغرب، إذ تتحول إلى خطابات فارغة وحقّ نقضٍ آلي.

 

القانون الدولي بين الشلل والاختبار

 

يشير الكاتب إلى مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو ووزير حربه بوصفها خطوة تكسر جزئيًا حصانة تاريخية، لكنها تبقى غير كافية. ويشدد على ضرورة مساءلة القيادة الإسرائيلية قانونيًا استنادًا إلى مبدأ بسيط: لا أحد فوق القانون. ويطرح موقفًا شديد الحدّة يعتبر أن حجم الجرائم المرتكبة في غزة يستدعي أقصى درجات العقاب، في إطار دعوةٍ إلى المساواة في الوزن الأخلاقي والقانوني بين الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين وتلك التي تقع في أي مكان آخر.

 

في الوقت نفسه، يستمر القصف وتتعرض المستشفيات والجامعات للتدمير، وتتزايد أعداد الضحايا. يصف المقال ما جرى منذ 2023 بأنه ليس حربًا تقليدية، بل محاولة متعمدة لمحو مجتمعٍ كامل، عبر استخدام الجوع سلاحًا، وعرقلة المساعدات، واستهداف الصحفيين والعاملين في الإغاثة، بما يتجاوز – وفق تعبيره – كل حدٍّ أخلاقي يمكن تصوره.

 

العزلة الدولية وتآكل السردية

 

يرى الكاتب أن عنصرًا حاسمًا يواكب استمرار المقاومة، وهو تنامي العزلة الدولية لإسرائيل. يتغير الرأي العام العالمي، وتخرج مظاهرات في عواصم كبرى، وتعترف دول أوروبية بدولة فلسطين، وتكسر جامعات ونقابات وفنانون حواجز الصمت عبر المقاطعة. وللمرة الأولى منذ عقود، تُرى إسرائيل بوصفها قوة احتلال وعدوان، لا ضحية أبدية، فتتراجع مصداقية السردية الصهيونية عالميًا.

 

يخلص المقال إلى أن عنف التيارات الصهيونية الأكثر تطرفًا لا يعكس قوة، بل يعبّر عن يأسٍ عميق وسوء فهم لطبيعة النضالات المناهضة للاستعمار، حيث تجد الشعوب المصممة على البقاء سبلًا دائمة للمقاومة. ويؤكد أن “النصر الحقيقي” لا يأتي من الدمار، بل من الاعتراف الكامل بإنسانية الشعب الفلسطيني، وإعادة حقوقه، وإنهاء الاحتلال.

 

في خاتمته، يعلن الكاتب أن الهزيمة الأخلاقية للصهيونية بدأت بالفعل، وما تبقى هو تحويلها إلى هزيمة سياسية وقانونية، مع ترك الحكم للتاريخ.

 

https://www.middleeastmonitor.com/20251212-the-moral-and-political-crisis-of-zionism/